• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية


علامة باركود

رموز مسرحية " السيكلوب " تحاول انتحال التاريخ بعد أدلجته

مسعود أومري


تاريخ الإضافة: 1/1/2014 ميلادي - 29/2/1435 هجري

الزيارات: 4947

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رموز مسرحية " السيكلوب "

تحاول انتحال التاريخ بعد أدلجته


السيكلوب عملاق ذو عين واحدة وسْط الجبين، وهو أحد أجيال العمالقة في الأساطير اليونانية القديمة، ويأخذ السيكلوب في مسرحية (فيتز باتريك) التي تَحمِل نَفْس الاسم، رمزية الديكتاتور الذي يَستعبِد شعبَه، وإلى جانب هذا الرمز، هناك رمزان آخران في المسرحية، السيلينوس، وهم مخلوقات شبه بشرية، ذوو أقدام ماعزية، يعتبرون سلالة (ديونيسوس): إله الخمر عند اليونان، والسيلينوس في المسرحية تَرمُز إلى الرعيَّة الخاضعة، والذليلة بين يدي مولاها المُستبِد، ويتحكَّم بهم التفكير الماورائي، والخرافي، ويَعجَزون عن التخلص من عبوديتهم للسيكلوب، أما الرمز الثالث، والأخير، فهو أوديسيوس، مَلِك مدينة إتاكا، وأحد أكبر قادة الإغريق في حرب طروادة، التي اندلعت لاستعادة الملكة هيلين.

 

وكأن (فيتز باتريك) يحاول في هذه المسرحية فكَّ عُقدِ الحضارة الغربية، التي ما تزال تُلازِمها حتى اليوم، وهي عُقد النقص التي يشعر بها الغربُ أثناء التقائه مع الشرق، وأُوْلى هذه العقد، هي عقدة الجَذْر الحضاري للغرب، فبينما يُعتبر الشرق أمًّا وأبًا للحضارة الإنسانية على مدى آلاف السنين، لا نجد للغرب أي رصيد حضاري في الأحقاب التاريخية المتلاحقة، ولإلغاء وتفكيك مركَّب النقص هذا، سعى بعض فلاسفة الغرب ومفكِّريه وأدبائه إلى نسب حمضهم النووي لحضارة الإغريق، واعتبارها سلفًا للغرب، وهذه كانت الخطوة الأولى باتجاه تفكيك مركب النقص الذي يؤرِّق العقل الغربي، أما الخطوة الثانية فهي إظهار الإغريق كممثِّل بشري وحيد للحضارة والتمدن والرقي وتهميش الحضارات الأخرى على جغرافية الأرض كحضارة سومر، وبابل، آشور، وميديا، وفارس، والصين، والهند، أو وشمها بوشم الهمجية والبربرية والتخلف والعنف؛ وكأن الغرب الثقافي يُحاوِل سَرْد التاريخ مجدَّدًا، مستخدمًا مفاهيم ومصطلحات ورؤى مُستقاة من أيديولوجية "الرجل الأبيض"، الكائن الوحيد الذي يَعِي التمدنَ ويستحقُّه؛ ليبدو الغربُ كما لو كان الوريث الشرعي الوحيد للحضارة والتاريخ بعد الإغريق، مِثل هذه التصورات نجد معادلَها النصي مُنتثرًا في مسرحية السيكلوب، إذ يقول أوديسيوس: "وأنتم ما أدراكم بذلك (ويَقصِد العدالة)؟ لا يمكن أن نتوقَّع من الساطريين مثلكم تمجيد أشياء مثل الشرف، والعدالة، أنتم لا تهتمون سوى بالطعام والشراب، بينما المتمدنون أمثالنا لهم أهداف نبيلة أخرى في الحياة، ولديهم مُثل سامية يُكرِّسون حياتهم لها".

 

تُذكِّرنا صفات السيلينوس كما يَسرُدها أوديسيوس في هذه المسرحية، بالتصور الذهني الذي يتبنَّاه الغرب عن الشرق، فالتفكير النمطي الغربي عن الشرق يقول بأن شعوب الشرق بعيدة عن مرحلة التمدن، والتحضر، وأنهم يُمجِّدون العنف، والعسكرة، ويَلغون العقل لمصلحة الأسطورة، والخرافة، وأن الحكام المستبدِّين يتسلَّطون عليهم، ويستعبدونهم، وأن خلاصهم لن يكون إلا على يد الرجل الأبيض، وحضارة الغرب، اللذين يُمثِّلان العالم المتحضِّر في الأرض.

 

وينهي (فيتز باتريك) مسرحيتَه بتكريس هذا التصور عن العلاقة بين الغرب والشرق؛ فـ(أوديسيوس): البطل الإغريقي، وسلف الإنسان الأبيض، يَنجح بذكائه الحضاري في ابتكار طريقة يفقأ بها عينَ السيكلوب، ويُحرِّر السيلينوس من قبضته، وكم يُشبِه هذا الإنقاذ إنقاذ حلف الناتو الذي روَّج له الغرب قبل حرب أفغانستان، والعراق، وليبيا!

 

وبغض النظر إذا ما كانت هذه القراءة لنص مسرحيَّة السيكلوب لفيتز باتريك صحيحةً أو لا، فإننا حين نقرأ كتاب "صِدام الحضارات" لصموئيل هنتغتون، نجد محاولة مشابهة للتي قام بها باتريك في مسرحيته؛ إذ يقول هنتغتون: إن أكثر ما يُميِّز الحضارة الغربية هي انتماؤها الإغريقي والمسيحي، وتَندرِج محاولة هنتغتون في المرحلة الثانية من مراحل فكِّ مركب النقص عند الغرب، فهنتغتون لم يؤدلِج التاريخ، بل اكتفى بانتحاله، بينما يقوم (فيتز باتريك) بالأدلجة والانتحال معًا.

 

يبدو صعبًا على الغرب الاعتراف بالتعددية الحضارية في التاريخ البشري، كما يَصعُب عليه الإقرار بالشرق كمنبت أمومي للحضارة الإنسانية، وكونه؛ أي الغرب، ليس إلا حلقة واحدة في سلسلة الحضارة التي يوازي عمرها عمر الإنسان على الأرض.

 

والقلق الذي ينتاب العقل الغربي حين يُفتح أمامه ملف الشرق، وحضاراته، وأديانه، يعود إلى أكثر من سبب، إلا أن حصيلة هذه الأسباب، وكشفها للرأي العام الغربي، سيضع أيديولوجية الإنسان الأبيض على المحك، إذ ليس هناك حقيقةً DNA موروث بين الحضارات كما تدَّعي المؤسسة الدعائية الغربية، فالحضارة ليست ملْكيَّة خاصة للسلف، يرِثها الخلف، وإنما هي ملكية مشاعية للبشرية على هيئة حلقات متتالية، ومتواصلة، تُشكِّل بمجملها قصة الحضارة الإنسانية.

 

وإلى يومنا هذا لا تستطيع تيارات في الفِكر الغربي ابتلاع حقيقة أن الحلقة الحضارية التي سبقت حلقة الحضارة الغربية، هي الحضارة الإسلامية، ويتجنَّب العقل الغربي، بزيّه الإمبريالي الاستعماري الاعتراف بتعددية حضارية، قد تؤدي إلى المساواة بين العرق الأبيض والأصفر، والأسود والبني، وتُلغي أفضليَّة أمم على أمم، وتلغي تقسيم الدول إلى محور الخير والشر، وتُنهي احتكار التمدن، والتحضر لشعب دون آخر.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة